حدود ولاية الفقيه عند الإمام الخميني

1٬143

حدود ولاية الفقيه عند الإمام الخميني

بقلم / د . السيد مُحمّد الغريفي

الإمام الخميني (قدس سره) يُعرّف الولاية بمعنى الحكومة والزعامة السياسية ، حيث قال : (الولاية تعني حكومة الناس ، وإدارة الدولة ، وتنفيذ أحكام الشرع)(1).

كما أنه لا يرى ولاية الفقيه مُطلقة لا حدود لها ، بل حَدّها بخصوص أمور الحكومة والسياسة بقوله : (للفقيه العادل جميع ما للرسول والأئمة (ع) مما يرجع إلى الحكومة والسياسة)(2).

فالإمام الخميني (قدس سره) حصر ولاية الفقيه بخصوص الحكومة والسياسة ، ما يُعرف بـ(الزعامة السياسة) أو (السلطنة السياسية) ، كما في قوله : (فتحصل مما مر ثبوت الولاية للفقهاء من قبل المعصومين (ع) في جميع ما ثبت لهُم الولاية فيه من جهة كونهم سُلطاناً على الأمة)(3).

وقد ذكر الإمام الخميني في بحوثه الفقهية عدة شروط واستثناءات تقيد من ولاية الفقيه المطلقة ، منها ما يلي :

أولاً :

الولاية المطلقة للفقيه لا تشمل المسائل الشخصية غير المتصلة بالمصلحة العامة وأمور الحكومة وإدارة البلاد ، فليس لهُ الولاية على طلاق زوجة الرجل أو بيع ماله أو أخذه منه ولو لم يقتض المصلحة العامة ذلك ، قال الإمام الراحل في ذلك :

 (إن ما ثبت للنبي (ص) والإمام (ع) من جهة ولايته وسلطنته ثابت للفقيه ، وأما إذا ثبت لهم (ع) ولاية من غير هذه الناحية فلا ، فلو قلنا بأن المعصوم (ع) لهُ الولاية على طلاق زوجة الرجل أو بيع ماله أو أخذه منه ولو لم يقتض المصلحة العامة لم يثبت ذلك للفقيه)(4).

ثانياً :

الولاية المطلقة للفقيه لا تشمل عزل أو نصب باقي الفُقهاء ، حيث قال : (نفس تلك الولاية الثابتة للرسول (ص) وللإمام (ع) في تشكيل الحكومة والتصدي للإدارة والتنفيذ ثابتة للفقيه أيضاً . لكن الفقيه ليس له ولاية مطلقة بنحو يشمل كُل فُقهاء عصره ، ويتمكن بحسبها من عزل فقيه آخر أو نصبه)(5).

ثالثاً :

الولاية المطلقة للفقيه لا تشمل الجهاد الابتدائي ، حيث قال : (في عصر غيبة ولى الأمر وسُلطان العصر (عج) كان نوابه العامة وهم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى والقضاء قائمين مقامه في إجراء السياسات وسائر ما للإمام (عج) إلا البدأة بالجهاد)(6).

رابعاً :

الولاية المُطلقة للفقيه مشروطة بإستشارة أهل الخبرة ، حيث قال : (…. من خلال التعاون بين المستشارين والمعاونين المتخصصين في المجالات المختلفة المؤتلفين في مجلس إستشاري)(7).

خامساً :

الولاية المطلقة للفقيه مشروطة بالعمل على وفق المصلحة العامة للمسلمين ، حيث قال : (للوالي أن يعمل في الموضوعات على طبق الصلاح للمسلمين أو لأهل حوزته ، وليس ذلك إستبداداً بالرأي، بل هو على طبق الصلاح فرأيهُ تبع للصلاح كعمله)(8).

 (على من يحكم المسلمين والمجتمع الإنساني أن يأخذ بعين الاعتبار دائماً المصالح العامة ، ويغضّ الطرف عن القضايا الخاصة والعواطف الشخصية)(9).

سادساً :

الولاية المطلقة للفقيه مشروطة بالعمل وفق قوانين الإسلام وليس فوقها، حيث قال : (فالإسلام أسس حكومة لا على نهج الاستبداد ….. بل حكومة تستوفي وتستمد في جميع مجالاتها من القانون الإلهي ، وليس لأحد من الولاة الاستبداد برأيه ، بل جميع ما يجري في الحكومة ، بشؤونها ولوازمها ، لا بد من أن يكون على طبق القانون الإلهي حتى الإطاعة لولاة الأمر)(10).

سابعاً :

إعمال الولاية المطلقة للفقيه يحتاج إلى قبول الأغلبية أو البيعة للفقيه ؛ وذلك من أجل إعلان إستعداد الأمة للطاعة ، لا من أجل إعطاء المشروعية للفقيه ؛ لأن مشروعيته من الله تعالى ، حيث قال الإمام الراحل : (تولي أمور المسلمين وتشكيل الحكومة مُرتبط بقبول أكثر المسلمين ، وقد أشار إلى ذلك الدستور ، وفي صدر الإسلام يُعبر عنه بالبيعة لولي المسلمين)(11).

——————————

 [1] – الخميني ، الحكومة الإسلامية (ولاية الفقيه)، ص81 .

 [2]- كتاب البيع . ج2، ص467 .

 [3] – المصدر نفسه ، ص488.

 [4]- كتاب البيع ، ص489.

 [5]- الحكومة الإسلامية ، ص83 .

 [6]- تحرير الوسيلة ، ختام كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مسألة 2 .

 [7]- الحكومة الإسلامية ، ص 201.

 [8]- كتاب البيع ، ج2 ، ص461.

 [9] – الحكومة الإسلامية ، ص129 .

 [10]- كتاب البيع ،ج2 ، ص461. [11]- المصدر نفسه ،ج‏20 ، ص459 .

التعليقات مغلقة.