أنصار الإمام المهدي “ع” من النساء

8٬705

أنصار الإمام المهدي “ع” من النساء

بقلم / محمد عباس حسين

بسم الله الرحمن الرحيم

(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) .

إن من نقاط التشابه بين قيام الإمام الحسين والإمام المهدي “عليهما السلام” هو وجود المرأة المجاهدة في ركابهما في فتره القيام وقبلة , وهذا الأمر إن دل على شيء فهو يدل على المكانة العالية التي حفظها الإسلام للمرأة وإيماناً منهُ على قدرَتِها الإيمانية وقابليتها الجهادية .

فالله سُبحانه وتعالى خلق المرأة لتكون تجلياً لجماله وقدرته في أضعف خلقه فنجد المرأة المؤمنة المجاهدة كانت مُنذ القدم خلف الأنبياء صابرة مُحتسبة وخير مُعينة وداعية وحامية .

وها هو القرآن الكريم يُبَجّل مريم وآسيا وأم موسى وغيرهن ممّن ذُكِرن في التأريخ وَغَيرَهُن

الكثير مِمّن لَم يَعرِفهِن التأريخ , لكن الله لا يُضيع أجر عامِلٍ مِن ذَكَرٍ وأُنثى .

ويُمكن تصنيف علاقة النساء بالقضية المهدوية المقدسة إلى ما قبل وبعد الظهور ..

1- نساء قبل الظهور :

وهن المُمهدات لظهور الإمام ودولته العالمية برفع الموانع وبذل المال والنفس والولد في سبيل نشر المعارف المهدوية والثقافة الإسلامية والدفاع عن الإسلام . وعندما يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم” يخرُج ناس من المشرق يوطئون للمهدي “عجل الله فرجه الشريف” .

فليس الأمر محصور بالرجال الموطئين بل أن كلمة “ناس” تشمل النساء والرجال معاً فكلاهُما “موطئون” .

إذاً في الأمة نساء موطئات للمهدي “عجل الله فرجه الشريف” ناصرات لهُ في غيبته , يَتَمَتّعن بالثبات والروح الجهادية , وَجُل سَعيَهُن في الحياة مُحاربة الفَساد وآيات الدجال والتمهيد لخروج الحجة “عليه السلام” .

2- نساء عصر الظهور :

قال الإمام الباقر عليه السلام : “يجيء … ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون إمرأة يجتمعون بمكة على غير ميعاد” إن الأنصار النساء من الأصحاب يبلغ عَدَدَهُن خمسين إمرأة ويُعتَبَرن مِن خَواص الأنصار ومن خيرة النساء وأفضلهُن وأتقاهن , ودورهن قيادة الألوف من النساء الناصرات , إلا أن النساء الناصرات من غير الأصحاب حالهن كحال الأنصار الرجال من غير الأصحاب فهُم في مرتبة أقل لكن يرتفع عَدَدَهُن وَيَقُمن بدور رفيع وأساسي في تأسيس دولة العدالة , فالمرأة نصف المجتمع ولا يستقيم المجتمع إلاّ بإستقامة المرأة والرجل معاً .

– الأنصار من الأموات :

إن من عظمة الإسلام أنه رَفَعَ شأن المرأة وَجَعَلَها تُشارِك الرّجل في نيل المقامات المعنوية والإيمانية والجهادية حيال إمام زمانها فكتب لها الرجعة كما للرجل من مُنطلق القاعدة

“من مَحض الإيمان مَحضاً” وَقد وَرَدَ في بعض الروايات أسماء بعض النساء الراجعات اللاّتي يَرجَعن في عصر ظهور الإمام لنُصرته والمساهمة في تحقيق دولة العدالة , ففي رواية أبي عبد الله .

عليه السلام : (يكُن مع القائم 13 امرأة .. يُداوين الجرحى ويقُمن على المرضى كما كان مع رسول الله … القنواء بنت رشيد, أم أيمن , حبابة الوالبية , سُميه أم عمار بن ياسر , زبيدة أم خالد الأحمسية , أم سعيد الحنفية , صبانة الماشطة , أم خالد الجهنية) .

1- قنواء بنت رشيد :

كانت في زمن الإمام الصادق عليه السلام , وهي إمرأة جليلة عاصَرَت الإمام الصادق عليه السلام وَنَقَلَت عَنهُ بَعض الأحاديث , وكذلك كان أبوها رشيد الذي عاصر الإمام علي امير المؤمنين عليه السلام ونقل عنه احاديث صنفها الشيخ الطوسي في رجاله ضمن اصحاب الامام الصادق عليه السلام , نقلت عن ابيها ما جرى بينه وبين امير المؤمنين عندما كلمهُ الإمام علي عليه السلام قائلاً : (يا رشيد كيف صبرُك إذا أرسل إليك دَعي بني أميّة فقطع يديك ورجليك ولسانك) ؟

قال رشيد : يا أمير المؤمنين آخر ذلك الجنة ؟

قال الامام عليه السلام : “يا رشيد انت معي في الدنيا والآخرة”

تقول قنواء : “فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه عُبيد الله إبن زياد الدعي فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين فأبى أن يَتَبَرّأ مِنهُ (وكانت قنواء حاضرة المجلس) .

فقال لهُ الدعي : بأي ميتة قال لك تموت ؟ “يتساءل عن رأي الإمام عليه السلام ”

قال رشيد : أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراءة منهُ فلا أبرأ فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني .

قال إبن زياد : والله لأكذّبن قوله فيك , فقدّموه فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه .

تقول قنواء : فَحَمَلَت أطراف يديه ورجليه وقلت : يا أبتِ هل تجدُ ألماً ممّا أصابك ؟

قال رشيد : لا يا بُنيّة .. وبعد أن خَرَجوا من القصر وإجتمع حولهُ الناس , قال رشيد :آتوني بصحيفه ودواة أكتب لكُم ما يكون إلى يوم الساعة .

قالت قنواء : فأرسل إليه الحجّام حتى قطع لسانه” .

2- أم أيمن بركة :

كانت في زمن رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلّم” وإسمها بركة بنت ثعلبة , كُنيتها أم أيمن ، ومن مُرضعات الرسول وحاضنته “ص” , أسلَمَت بداية بعثتهُ , وهي أم أسامه بن زيد , إذ زوّجها الرسول بزيد بن حارثة بعد وفاة زوجها السابق . أم أيمن راوية جليلة رَوَت عن رسول الله “صلى الله عليه وآله وَسَلّم” ومن المهاجرات الاوائل , رَوى عنها بعض الصحابة مثل أنس بن مالك , تجلت خدماتها في مواضع كثيرة إذ شَهَدَت مَعرَكة أحد وخيبر وحُنين , حيث كانت تسقي الماء وتداوي الجرحى وكان الرسول يزورها ويقول : “يا أمة” ويقول :”هذه بقيه أهل بيتي” , ومن علو مكانتها شهادة لها من الامام ابو جعفر عليه السلام : “أرأيت أم أيمن , فأني أشهد أنها من أهل الجنة” , ومن دلائل مقامها الرفيع أن أهل البيت “ع” إعتمدوا على شهادتها في أحقية فاطمة الزهراء “عليها السلام” في مُلكيتها لفدك لكن خليفة عصرها رَفَضَ شَهادَتَها لِكَونِها أعجمية !

التعليقات مغلقة.