نهاية المباديء في دول السقوط الوطني

532

نهاية المباديء في دول السقوط الوطني

بقلم / الدكتور فلاح شمسة

لا أحد يُنكر أن العالم العربي كان في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي في أوج كماله الوطني والمبدئي وقد ناضلت دول الإستعمار العربيةِ نحو الحريّة والإنعتاق من الإستعمار الغربي .

وقد تلت معركة ميسلون الخالدة حتمية إستقلال سوريا من ربقة الإستعمار الفرنسي وتلت ثورة ١٩٤١ ثورة ١٩58 الخالدة وسقط حلف بغداد وبسقوطه إنتهى خطر إحتلال سورية وسقطت هيمنة شركات النفط على إقتصاد العراق وحَرّرت مصر قناة السويس على إثر إنهزام العدوان الثلاثي .

وتحررت الجزائر من عبودية الإستعمار الفرنسي وعادت حُرّة عربية ونزح الإستعمار البريطاني عن جنوب اليمن .

وتطوع آلاف من العراق وسوريا للدفاع عن فلسطين العربية تحت ألوية عز الدين القسام والحُسيني وعدنان القاوقجي وهؤلاء نُخبٌ تختلف عن نُخب اليوم إذ أنهُم ذا فكرٍ حُرٍّ وشيمٍ لا تفهم التبريرات الإنهزامية وإنهم أعفُّ نفساً إذ أنهم لم يُخلقوا لهوان الدولار وسطوة الدناءة  .

لقد عرفوا ظُلامتهم ودافعوا عن أصالتهم فلم يُباعوا في مزادِ نهش الاوطانِ ولعقِ دمها كما هو الحال في العراق – الياباني (٢٠٠٣) أو سوريا الجيش الحر :

سعودي – قطري – داعشي – غربي  ..

كما وإنحسرت أنياب الرجعية العربية فلم تتجرأُ على نَهش الأمّةِ أو رَهن مُستقبلها وأصبحت تلك الحِقبة التي خلت تماماً من وباء العمالة الاجنبية وبيع الذمم وتشويه المباديء وإسقاطِ القيم (liberalization !! عصرنة) كان بإمتياز عصر الأمّةِ الذهبي حيث إنتشرت موجة التحرر العالمي وإنكفأت قوى الإستعمار التقليدية .

وأمام وطأة إستنزاف مُقدرات الامّةِ بسبب وجود السرطان الإسرائيلي وإستهداف مصر وسوريا والعراق أصبحت إسرائيل مخلب العدوان الغربي وأصبح إسقاط الانظمة التحررية الهمِّ الغربي الأكبر وكلما سارعت دول التحرر لتسليح جيوشها وتطوير بُنيتها علمياً وإقتصادياً وصناعياً كلما ازدادت مُحاولات الغرب في زعزعة أنظمة سوريا (دراستي الوثائقية في صحيفة الأهرام القاهرية ٢٠١٣ – توثق إعتماد الوثائق الأمريكية مُسلسل انقلابات سوريا والعراق) .

واليوم أصبح الاٍرهاب داعية للربيع العربي وأصبح للإحتلال المحرّم أمريكياً ذيولاً النخب التبريرية .

واصبح الفكر العقائدي الرافض للهيمنة على مصائر الشعوب شعاراً عاطفياً وأصبح العراق اليساري (١٩٥٨-١٩٦٣) يمينياً مُتطرفاً وموالياً لتراخيص عودة الهيمنة الأجنبية

وكلما إزداد حلبِه وفقره وهوانه كثر التشويش بمُطاردة سراب ما يُسمّونهُ بالفساد (مبني للمجهول) مُتعامين عن حقيقة الأمر أنهُ إفساداً مُمنهجاً لهُ أجهزته وعُمالها وأُجراءها

وما دُمت أتحدث عن السقوط الوطني فأيضاً إقتصار الفكر النخبوي على النمط التبريري لكلِّ عيبٍ ومُشين ، فالأسود أبيض ، والعيب حداثة ، والمبدأ تقزيماً للإقتصاد الحر .

والعراق من دون إقتصاد ( نقطة !!) . لا حُر ولا مُكبل

ومُعاداة إسرائيل ينغِّر جُرح المبشرين بعقلنة العداء العربي – الإسرائيلي وإن أُخِذوا بحُسن النيّة ستبقى بصمة النفسية القلقة …!

والعراق كالكرة الزجاجية التي تعرضت لضربة “كرين crane” – لا أعرف الكلمة بالعربي مُستهدفة عقوله بتهريبها أو قتلها وتدمير أسُسُه العلميّة والثقافية والصناعية والزراعية وإستعمال الوسائط لتدمير موارده المائية .

واضح :

أن هذه المقدمة تميلُ نحو تأكيد أزلية صعوبة حوار الحق مع الباطل :

“نحن في عصر السقوط المعنوي

عصر إسقاط الكرامة

عصرُ شذّاذٍ لقتلِ النخوات

عصر تدوير القمامة

كيف يحيا الحٌرُّ في قومٍ يُسمون الحياء

فعلُ ماضٍ

ويُسمّون الولاء

لأساطيل البغاء

تاجَ عزٍّ

كُلما دسّوا في الوحل جباهاًيالتيجان النعامة”

التعليقات مغلقة.