الشهيد المجاهد أحمد البحراني .. شهادة هزت مضاجع الإحتلال

879

الشهيد المجاهد أحمد البحراني .. شهادة هزت مضاجع الإحتلال

بقلم / أحمد رضا المؤمن

الولادة والنشأة :

ولد الشهيد أحمد عبد الجليل البحراني التميمي عام 1982 بمحافظة البصرة في أسرة معروفة بالتديّن والعلم والقيم والرفض للظلم ، فنشأ فيها ناهلاً من هذه القيم مكونات شخصيته التي أصبحت فيما بعد ذات خصوصيات أهلتها لمكانة مرموقة في المجتمع.

كان لأخيه الأكبر وهو من طلبة الحوزة العلمية لدى الشهيد السيد مُحمد الصدر “رض” أثر مُهم في تكوين شخصيته من خلال التوجيهات التي جعلت الشهيد أحمد البحراني يتعلق كثيراً بأفكار السيد الشهيد ومباديء نهضته المنسجمة مع رفض الشعب العراقي للواقع المهين آنذاك ، وكان هذا التعلق بداية اللقاء بالفكر الجهادي وبداية المعاناة بسبب النظام الطائش.

إنضمام الشهيد البحراني إلى صفوف المقاومة :

لقد كان الشهيد أحمد البحراني من السباقين في مُحاربة الاحتلال خلال الانتفاضة المهدوية في النجف الأشرف عام 2004 مع ثلة من المجاهدين الذين كتبوا تأريخاً جديداً للعراق ضد أعتى قوة إستكبارية في العالم . وفي نفس العام 2004 بدأت المقاومة الإسلامية تنظم صفوفها بشكل مُمنهج ذا طابع مركزي مُتخذة من (عصائب أهل الحق) عنوانا لها .

وإعتمدت العصائب في جهادها على خُطط عسكرية مدروسة ونظام منهجي قائم على توزيع الأدوار العسكرية بين المجاهدين على شكل أقسام ، يتولى كُل قسم منها عملاً مُعيناً لتحقيق هدف مُشترك هو إيقاع الخسائر بالمحتل لإجباره على الخروج .

ومن أبرز أقسام المقاومة الإسلامية عصائب أهل الحق كان هو قسم الهندسة وهو المسؤول عن قطع الإمدادات عن قواعد المحتل من خلال إستهداف آلياته بالعبوات الناسفة ، ولقد كان الشهيد أحمد البحراني بارعاً في هذا المجال حيث حقق نتائج كبيرة في عدة عمليات ناجحة ضد المحتل .

وكان الشهيد أحمد البحراني يطبق المبادئ والقيم الفكرية من خلال العمل العسكري، حيث كانت أخلاقه وممارساته الدينية تعكس المستوى العالي من الشعور بالقرب إلى الله تعالى حتى بالعمل العسكري، ويظهر هذا المستوى الإيماني المتميز بشكل جلي خلال شهر المحرم الحرام، حيث يتخذ الشهيد أحمد البحراني من الجهاد شعيرة حسينية تضاف إلى ما تعارف عليه الناس من الشعائر في هذا الشهر.

ومن الصعب حصر عدد العمليات التي شارك فيها الشهيد أحمد البحراني في النجف الاشرف ، ما جعله محط رصد قوات الاحتلال التي داهمت منزله أكثر من مرة بحثاً عنه وعن أخيه ، وقد أدى هذا التضييق إلى إنتقال الشهيد أحمد من جديد إلى مُحافظة البصرة التي تركها سابقاً بسبب ضغوط نظام صدام .

الشهيد المجاهد أحمد عبد الجليل البحراني

خلال هذه الفترة كان الشهيد أحمد البحراني قد رزق بابنه الثاني (منتظر) ، الذي كان في الأشهر الأولى عندما استشهد والده، أما الابن الأكبر فهو (حسن) وقد سماه والده بهذا الاسم تيمنا بالإمامين الحسن المجتبى والحسن العسكري (عليهما السلام) .

كانت علاقته بأئمة أهل البيت (عليهم السلام) وثيقة جدا ليس على المستوى العقائدي فقط ، بل على مُستوى التطبيق الفعلي لوصاياهم ، خصوصاً فيما يتعلق بالعمل الجهادي ، فالذين يراهُم المحتلون أسوداً في النهار هُم رُهبان في الليل أشداء على الكفار رُحماء بينهُم . لقد كان بقاء الشهيد أحمد البحراني في البصرة مُقترناً بإصرار شديد من قبله على المشاركة في عمليات جهادية ضد المحتل ، حيث لم يطق الإنتظار بالرغم من الظرف الأمني والخطورة الكبيرة على حياته وهو يُشاهد أخوته المجاهدين يقومون بعمليات نوعية ، خصوصاً في مُحافظة البصرة التي نَقَشَت إسمها عَميقاً في سجل الجهاد ضد المحتل .

قُبيل الإستشهاد :

السادسة من مساء الحادي عشر من شباط عام 2011 كانت ساعة الصفر لتنفيذ عملية هندسية ضد دورية لقوات الاحتلال على طريق الزبير ، وقد أوكلت المهمة إلى الشهيدين أحمد البحراني وجواد الكعبي فإستشهد برصاص الإحتلال الأمريكي خلال تنفيذ العملية .

كان رد المقاومة الإسلامية عصائب أهل الحق سريعاً ، حيث نفذت العديد من العمليات على قواعد المحتل وآلياته ، فضلاً عن عمليات أطلق عليها إسم الشهيد أحمد البحراني تقديراً من الأخوة المجاهدين للمكانة التي وصل إليها الشهيد بكل جدارة.

كان الشهيد أحمد البحراني يرجو الشهادة ويوصي دائماً بالبقاء على الخط الجهادي ولم يكُن إستشهاده إلا إستجابة من الله تعالى لهذا الرجاء ، ومازال كُل من يعرف الشهيد أحمد البحراني يغبطه على المكانة العظيمة عند الله وفي قلوب الناس خصوصاً أن قبر الشهيد أحمد البحراني قريب جداً من قبر الشهيد السيد محمد الصدر “رض” وهو ما أوصى به الشهيد أحمد قبل إستشهاده .

ظل ذكر الشهيد أحمد البحراني على شفاه المحيطين به وإخوته المجاهدين عنوانا للشجاعة والهمة والتضحية في سبيل الدين والوطن، ووسام شرف يذكر العراقيين بأن المقاومة الإسلامية عصائب أهل الحق لن تتنازل عن شبر من هذه الأرض مادامت هناك دماء تجري في عروق المجاهدين .

هذه هي قوافل الشهداء ، قوافل من نور تشع في أرجاء الوطن الغالي وتتغلغل دماء في أرضه لتنبت فيما بعد ، جيلاً مُجاهداً يتحدث أبناؤه عن بطولات رجال المقاومة الإسلامية عصائب أهل الحق ومنهُم الشهيد أحمد عبد الجليل البحراني .فالسلام عليه يوم ولد ويوم جاهد ويوم هاجر ويوم أذاق المحتل الأمريكي ويلات عبواته العصائبية الناسفة ويوم إستشهد ويوم يُحشر مع الأنبياء والأولياء والصديقين والشهداء وحَسُنَ أولئك رفيقاً .

التعليقات مغلقة.